المادة    
قد تعرفنا على اعتقاد الفلاسفة في الله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر بإيجاز شديد، كما هو في الكتاب.
وإن هذه الطائفة الخبيثة -التي هي أبعد الطوائف عن الدين وأضلها في معرفة طريق رب العالمين- هي اليوم أكثر ما تكون قوة؛ وأشد ما تكون في كل مكان فكراً وخطاباً، فلا تكاد تجد جامعة إلا ولهم فيها نصيب، ولا تجد مجلة أو كتاباً فكرياً أو معهداً أكاديمياً إلا ولهذه الفلسفة -على اختلاف مذاهبها وأنواعها- دور ونصيب.
إن الفلسفة في الحقيقة هي البديل الإلحادي عن الدين، ولا سيما في هذا العصر؛ لأن أعظم أمم الأرض وأكثرها وأقواها في عالم اليوم هم العالم الغربي، وهم الذين تسيطر حضارتهم وفكرهم على العالم، وهؤلاء يدينون بالفلسفة بعد أن تخلوا عن دينهم النصراني وتركوه. وهي فلسفات مختلفة يجمعها أنها بديل عن الدين، فهي عقائد يعتقدها أصحابها، ومناهج في الحياة؛ ترسم الدول والمجتمعات حياتها وفق هذه المناهج، فالدول الشيوعية -وهي كثيرة- ترسم حياتها وفق الفلسفة التي وضعها ماركس وإنجلز، ثم لينين ... إلخ. والدول الغربية الرأسمالية تضع أيضاً خططها الاجتماعية والسياسية والاقتصادية وفق النظريات الفلسفية التي تؤمن بها، مع تعدد أنواعها.
إذاً: البديل العالمي الموجود اليوم للدين وللعقيدة التي أنزلها الله سبحانه وتعالى، وبينها رسوله محمد صلى الله عليه وسلم هو الفلسفة، والعالم الإسلامي قد أصابه ذلك، فإن في معظم كليات الآداب في العالم الإسلامي قسماً للفلسفة، إضافة إلى أن الأقسام الأخرى تدرس هذه الفلسفات؛ ففي قسم علم النفس لا بد أن تدرس نظريات علم النفس، وأي كلية اقتصاد في العالم لا بد أن تدرس النظريات الفلسفية الاقتصادية.. وهكذا.
ولذلك سوف نستعرض ما يعانيه هؤلاء الفلاسفة من حيرة واضطراب وبعد عن الدين، ونمر على ذلك ولو مروراً عابراً، وليس غرضنا هو مناقشة هذه الفلسفات، فإنها كثيرة، وقد حاولت أن أختار نموذجاً حياً وشخصية من هؤلاء الفلاسفة، هناك إجماع عالمي على تفوقها في هذا الجانب، فنعرج على حياته وسيرته وآرائه؛ لنعرف كيف يفكر هؤلاء الفلاسفة، وماذا يريدون، ولماذا يلحدون.
  1. فيلسوف القرن وزعيم الملحدين